جلسة 8 من مايو سنة 1990

 برئاسة السيد المستشار / أحمد نصر الجندى وعضوية السادة المستشارين / حسين محمد حسن عقر نائب رئيس المحكمة ، مصطفى حسيب ، فتحى محمود يوسف وسعيد غريانى .

 

الطعن رقم 35 لسنة 59 القضائية " أحوال شخصية " : -

 ( 1 ، 2 ) أحوال شخصية " المسائل الخاصة بغير المسلمين : طاعة " . حكم " الطعن فى الحكم " . دعوى " المصلحة " .

( 1 ) المصلحة فى الطعن . نطاقها الحكم برفض اعتراض الطاعنة على الدخول فى طاعة زوجها المطعون ضده تاسيساً على عدم أحقيته فى دعوتها الدخول فى طاعنة طبقاً لأحكام الشريعة المسيحية الواجبة التطبيق . للمطعون ضده مصلحة فى الطعن على هذا الحكم بالإستنئاف .

( 2 ) الاحكام التى يتعين على المحاكم تطبيقها فى منازعات المصريين غير المسلمين والمتحدى الطائفة والمللة . هى الأحكام الموضوعية فى الشريعة الخاصة الواجبة التطبيق . الإجراءات الخاصة بما يتبع فى دعوى الطاعة . م 11 مكرر ثانيا ق 25 لسنة 1929 . ما هيتها من قواعد الاختصاص والإجراءات التى تسرى على جميع منازعات الطاعة أيا كانت " بانه أطرافها " .

( 3 ) أحوال شخصية " دعوى الاحوال الشخصية . الإجراءات ، إثبات " . محكمة الموضوع " سلطة محكمة الموضوع " .

محكمة الموضوع . سلطتها فى بحث الدلائل والمستندات وموازنة بعضها بالبعض الأخر وترجيح ما يطمئن إليه منها واستخلاص ما يراه متفقا مع واقع الدعوى . شرطة . أن يكون استخلاصه سائغاً مما له أصل فى الأوراق .

1-    لئن كان الأصل أن المصلحة النظرية البحتة لا تصلح أساساً للطعن متى كان الطاعن لا يحقق أى نفع من ورائها ، فلا يقبل طعن على الحكم صدر وفق طلبات الطاعن بدعوى تعديل بعض الأسباب التى تصادف هوى فى نفسه ، إلا أن شرط القول بعدم توافر المصلحة المؤدبة إلى عدم جواز الطعن – وعلى ما جرئ به قضاء هذه المحكمة – وجوب أن يكون الحكم محققاً لمقصود الطاعن ومتمشياً مع المركز القانونى الذى يدعيه بما يترتب عليه من آثار بحيث لا يكون من شأنه إنشاء التزامات جديدة أو الابقاء على الالتزاما يريد التحلل منها أو حرمانة من حق يدعيه ، سواء وردت هذه القيود فى منطوق الحكم أو أسبابه طالما كانت هذه الأسباب هى جوهر القضاء ، وليه ولا يستقيم الحكم بغيرها وتعتبر بهذه المثابة مكملة للمنطوق لما كان ذلك وكان منطوق الحكم الإبتدائى قد جرى فى ظاهرة لصالح المطعون ضده حين قضى برفض اعتراض الطاعنة ، إلا أنه فى أسبابه المكملة للمنطوق قد أضر به حين قضى عليه بأنه ليس من حقه أن ينذر زوجته – الطاعنة – للعودة إلى طاعته فى مسكن الزوجية طبقاً لأحكام الشريعة المسيحية الواجبة التطبيق ولم يكن القضاء بالرفض إلا وليد ما خلص إليه الحكم فى هذا الخصوص ومن ثم يكون للمطعون ضده مصلحة فى الطعن على هذا الحكم بالإستئناف .

2-    النص فى الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون رقم 462 لسنة 1955 بإلغاء المحاكم الشريعة والملية . على أنه " بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدى الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون فتصدر الأحكام – فى نطاق النظام العام – طبقاً لشريعتهم " مفادة . إن الأحكام التى يتعين على المحاكم تطبيقها هى الأحكام الموضوعية فى الشريعة الخاصة الواجبة التطبيق ، وكان ما ورد فى المادة 11 مكرر ثانية من القانون رقم 25 لسنة 1929 المشار إليه والمضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 فى خصوص ما يتبع فى دعوة الزوج زوجته للدخول فى طاعته وإعتراضا على ذلك أمام المحكمة الإبتدائية إنما هى من قواعد الإختصاص ومسائل الإجراءات فإنها تسرى على جميع منازعات الطاعة اياً كانت ديانة أطرافها .

3-    لقاضى الموضوع السلطة التامة فى بحث الدلائل والمستندات المقدمة له وفى موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليه منها وإستخلاص ما يراه من واقع الدعوى دون رقابة عليه فى ذلك من محكمة النقض ما دام إستخلاصه سائغاً مما له أصل ثابت فى الأوراق .

المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة .

حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .

وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل فى أن الطاعنة أقامت الدعويين رقم 469 ، 470 لسنة 1985 كلى على شبين الكوم ضد المطعون عليه للحكم بعدم الاعتداد بإعلانه لها فى 1/8/1985 بدعوتها للدخول فى طاعته واعتباره كأن لم يكن . وقالت بياناً لذلك أنه دعاها بموجب ذلك الإعلان للدخول فى طاعته فى المسكن المبين به ، وإذ كان المطعون ضده غير أمين عليها . وأورد بياناً مجهلاً عن المسكن ، وقصد بإعلانه الكبد لها فقد أقامت الدعويين وبعد أن ضمت المحكمة ثانيتهما إلى الأولى حكمت بتاريخ 20/5/1987 برفضهما . استأنف المطعون ضده هذا الحكم لدى محكمة استئناف شبين الكوم بالاستئناف رقم 57 لسنة 20 ق أحوال شخصية ملى هذا ، وبتاريخ 12/12/1988 حكمت بتأييد الحكم المستأنف . طعنت الطاعنة فى هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى بنقض الحكم . عرض الطعن على هذه المحكمة فى غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها إلتزمت النيابة رأيها .

وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بأولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه . وفى بيان ذلك تقول أن المطعون ضده طلب أمام محكمة أول درجة رفض اعتراضها على إعلان دعوته لها للعودة لمنزل الزوجية ، وقد قضى له بطلبه ، ومن ثم يمتنع عليه إستئناف هذا الحكم لانتفاء مصلحته وقد تمسكت أمام محكمة الإستئناف بعدم جواز الطعن فى الحكم بطريق الإستئناف ،إلا أنها رفضت هذا الدفع على سند من قيام مصلحة للمطعون ضده تتمثل فى تعديل بعض أسباب الحكم الإبتدائى التى حرمته من توجيه الإنذار للطاعنة للدخول فى طاعته وإذ كانت هذه المصلحة غير قائمة فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بمخالفة القانون والخطأ فى تطبيقه بما يستوجب نقضه .

وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أنه وإن كان الأصل أن المصلحة النظرية البحتة لا تصلح أساساً للطعن متى كان الطاعن لا يحقق أى نفع من ورائها ، فلا يقبل طعن على حكم صدر وفق طلبات الطاعن بدعوى تعديل بعض الاسباب التى لم تصادف هوى فى نفسه ، إلا أن شرط القول بعدم توافر المصلحة المؤدية إلى عدم جواز الطعن – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – وجوب أن يكون الحكم محققاً لقصود الطاعن ومتمشياً مع المركز القانونى الذى يدعيه بما يترتب عليه من آثار بحيث لا يكون من شأنه انشاء إلتزامات جديدة أو الإبقاء على التزامات يريد التحلل منها أو حرمانة من حق يدعيه ، سواء وردت هذه القيود فى منطوق الحكم أو أسبابه طالما كانت هذه الأسباب هى جوهر القضاء ، ولا يستقيم الحكم بغيرها وتعتبر بهذه المثابة تكملة للمنطوق . لما كان ذلك ، وكان منطوق الحكم الإبتدائى قد جرى فى ظاهره لصالح المطعون ضده حين قضى برفض اعتراض الطاعنة ، إلا أنه فى أسبابه المكملة للمنطوق قد أضربه حين قضى عليه بأنه ليس من حقه أن ينذر زوجته – الطاعنة – للعودة إلى طاعته بمسكن الزوجية طبقاً لأحكام الشريعة المسيحية الواجبة التطبيق ولم يكن القضاء بالرفض إلا وليد ما خلص إليه الحكم فى هذا الخصوص ، ومن ثم يكون للمطعون ضده مصلحة فى الطعن على هذا الحكم بالإستئناف ، وإذ إلتزم الحكم المطعون فيه هذا النظر ، وقضى برفض دفع الطاعنة بعدم جواز الإستئناف فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ فى تطبيقه ، ويكون النعى على غير أساس .

وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثانى على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك تقول أنها والمطعون ضده من الأقباط الأرثوذكس ويخضعان لأحكام شريعتهما الخاصة التى لا تعرف إعلان دعوة الزوج زوجته للعودة لمنزل الزوجية والمنصوص عليه فى المادة 11 مكرر ثانيا من القانون رقم 25 لسنة 1929 المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 لأن هذا القانون لا يحكم إلا مسائل الأحوال الشخصية للمسلمين وغير المسلمين مختلفى الطائفة والملة . وإذ هما قبطيان أرثوذكسيان – متحدى الطائفة والملة – فإن الحكم المطعون فيه إذ طبق هذا النص رغم ذلك يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون بما يستوجب نقضه .

وحيث إن هذا النعى غير سديد . ذلك أنه لما كان النص فى الفقرة الثانية من المادة 6 من القانون رقم 462 لسنة 55 بإلغاء المحاكم الشرعية والملية على أنه " بالنسبة للمنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية للمصريين غير المسلمين والمتحدى الطائفة والملة الذين لهم جهات قضائية ملية منظمة وقت صدور هذا القانون فتصدر الأحكام – فى نطاق النظام العام – طبقا لشريعتهم – مفاده – إن الأحكام التى يتعين على المحاكم تطبيقها هى الأحكام الموضوعية فى الشريعة الخاصة الواجبة التطبيق ، وكان ما ورد فى المادة 11 مكرر ثانياً من القانون رقم 25 لسنة 1929 المشار إليه والمضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985 فى خصوص ما يتبع فى دعوة الزوج زوجته للدخول فى طاعته وإعتراضها على ذلك أمام المحكمة الإبتدائية إنما هى من قواعد الإختصاص ومسائل الإجراءات فإنها تسرى على جميع منازعات الطاعنة أيا كانت ديانة أطرافها ، وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وإعتد بإجراءات دعوة المطعون عليه للطاعنة بالدخول فى طاعته وإعتراضها على ذلك وفقاً لما ورد بالنص المشار إليه فإنه لا يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون ويكون النعى على غير أساس .

وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثانى والرابع على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب . وفى بيان ذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بعدم أمانة المطعون ضده على نفسها وعدم شرعية المسكن الذى دعاها للإقامة فيه ، وقدمت للدلالة على ذلك صورة من الحكم الصادر فى الدعوى رقم 201 لسنة 1986 ملى تلا المؤيد بالحكم الصادر فى الإستنئاف رقم 48 لسنة 87 ملى مستأنف شبين الكوم ، وصورة من المحضر رقم 3274 لسنة 1985 إدارى قسم أول طنطا ، وصورة من المحضر رقم 3431 لسنة 1985 – إدارى قسم أول طنطا ، وإذ لم يحقق الحكم المطعون فيه دفاعها ولم يتناول دلالة مستنداتها فى إثبات ما تمسكت به ، وأقام قضاءه برفض دعواها على مجرد القول بأنها لم تقدم الدليل على ما أسندته إلى المطعون ضده ، وعدم كفاية البلاغات والدعاوى المرددة بينهما فى إثبات ذلك فإنه يكون معيباً بالقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع .

وحيث إن هذا النعى مردود . ذلك أنه لما كان لقاضى الموضوع السلطة التامة فى بحث الدلائل والمستندات المقدمة له وفى موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما يطمئن إليه منها وإستخلاص ما يراه متفقاً مع واقع الدعوى دون رقابة عليه فى ذلك من محكمة النقض ما دام استخلاصه سائغاً مما له أصل ثابت فى الأوراق ، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن عرض للمستندات المقدمة من طرفى الدعوى قد خلص إلى أن الطاعنة لم تقدم الدليل على عدم شرعية مسكن لطاعنة وعدم أمانة زوجها المطعون ضده على نفسها وما لها وأن الخلافات والبلاغات والدعاوى المرددة بينهما قاصرة عن حد الكفاية لإثبات دعواها . وكان هذا الذى أورده الحكم إستخلاصاً موضوعياً سائغاً مما له أصل ثابت فى الأوراق وكاف لحمل قضائه وفيه الرد الضمنى المسقط لكل قول أو حجة ساقتها الطاعنة فإن ما تشيره بهذين السببين لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .

ويكون النعى فى غير محله .