جلسة ٢٢ من ديسمبر سنة ١٩٩٣

 

برئاسة السيد المستشار/ أحمد عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ على الصادق عثمان وأحمد عبد البارى سلیمان ومحمود دیاب نواب رئيس المحكمة ومجدى ابو العلا .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(۱۸۸)

الطعن رقم ٦٠٠ لسنة ٦٢ القضائية

 

(1) إختلاس أموال أميريه . جريمة " أركانها ". قصد جنائي . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

تحدث الحكم استقلالا عن القصد الجنائي في جريمة الاختلاس ، غير لازم . كفاية الاستدلال على قيامه مما أورده من وقائع وظروف .

مثال . لتسبيب سائغ الاستظهار نية الاختلاس في جريمة إختلاس أموال أميرية .

 

(۲) أسباب الاباحة وموانع العقاب " الجنون والعاهه العقلية ". مسئولية جنائية . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ".

مثال لرد سائغ لإطراح الدفع بانعدام المسئوليه لمرض عصبي .

 

(۳) أسباب الاباحه وموانع العقاب " الجنون والعاهة العقلية ".  مسئولية جنائية . إثبات " خبرة " . قانون " تفسيره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

المرض العقلي الذي تنعدم به المسئولية قانونا وفقاً للمادة ٦٢ عقوبات . هو الذي يعدم الشعور والادراك .

الأحوال النفسيه التي تفقد الشخص شعوره وادراكه ليست سبباً لانعدام المسئولية .

انتهاء الحكم المطعون فيه اخذا بتقرير الطب الشرعي إلى أن مرض الطاعن بالاضطراب العصبي لا تنعدم به مسئوليته الجنائية . صحيح .

 

(٤) أسباب الإباحة موانع العقاب " الجنون والعاهه العقلية " . إثبات " بوجه عام ". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الحالة العقلية " .

تقدير حالة المتهم العقلية ، موضوعی . مادام سائغا .

 

(5) إثبات " خبرة " " بوجه عام ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".

تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن . موضوعي . لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقرير الخبير .

الجدل في تقدير الدليل . غير جائز أمام النقض.

 

(6) إثبات " اعتراف ". حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ".

اسناد الحكم للطاعن اعترافه بتحصيل المبلغ المختلس وادعاءه سرقته . دون أن ينسب إليه اعترافا باختلاسه ، لا محل للنعى على الحكم .

 

(۷) إثبات " اعتراف ".  محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .

إختلاس .

الاعتراف في المسائل الجنائية . ما هيته ؟

لمحكمة الموضوع تجزئة الاعتراف والأخذ منه بما تطمئن إلى صدقه واطراح ما عداه .

ورود الاعتراف على الواقعة بكافة تفاصيلها ، غير لازم كفاية وروده على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى إقتراف الجاني للجريمة .

 

(۸) إثبات " بوجه عام ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". دفاع " الاخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ".  حكم " تسبيبه. تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

كفاية إيراد الحكم الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه. تعقب المتهم في كل جزئية من جزئيات دفاعه غير لازم ، مفاد التفاته عنها أنه اطرحها .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز أمام النقض .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

١ - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاختلاس والتزوير في محررات رسميه واستعمالها التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات والمستندات وتقرير اللجنة المشكلة لجرد أعماله وتقرير مكتب خبراء وزارة العدل و اعتراف المتهم بالتحقيقات - وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتب عليها استطرد بيانا لنية الاختلاس قوله " وحيث إنه يكفى لقيام جريمة الاختلاس أن يضيف المتهم المبالغ التي حصلها أو جزء منها إلى ملكيته وأن يتصرف فيها على اعتبار أنها مملوكة له وتقوم الجريمة ولو رد المتهم المبالغ التي اختلسها بعد ذلك دون طلب لأن المطالبة ليست شرطا لتحقق الجريمة ولان الظروف التي قد تعرض بعد وقوع الجريمة لا تنفى قيامها ولا تؤثر في كيانها ". لما كان ذلك ، وكان ما أورده الحكم في مدوناته كافياً وسائغاً في بيان نية الاختلاس ، وكان من المقرر أنه لا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالا عن توافر القصد الجنائي في تلك الجريمة بل يكفى أن يكون ما أورد من وقائع وظروف يدل على قيامه - كما هو الحال في الدعوى المطروحه - ومن ثم فإن ما يدعيه الطاعن من قصور في التسبيب في هذا الصدد غير سديد .

 

٢ - لما كان الحكم قد عرض لما أثارة الدفاع عن الطاعن من فقدانه الشعور والتركيز في أداء عمله بسبب مرض عصبي ورد عليه بقوله " وحيث إنه بشأن ما دفع به الحاضر مع المتهم عن عدم مسئوليته لاصابته باضطراب عقلى فانه ازاء ما ثبت من التقرير الطبي الشرعي ٦٦٣ طب شرعى طنطا لسنة ١٩٧٤ من أنه بعد مناقشة المتهم وبالكشف عليه والاطلاع على ملف الدعوى وملف خدمة المتهم وعلى جميع التقارير الطبية المرفقه والمحررة بمعرفة مفتش الصحة والعيادة النفسية بمستشفى المنصورة العام عن حالته وخاصة أن أول تقرير طبي كان بتاريخ 28/9/1964 - ويتضمن أصابة باضطراب عصبي وهبوط عام وأن هذه الحالة جائزة الحدوث لأى شخص عادى سليم عقب القرار الاداري ...... بتاريخ ........... بنقله من المنصورة إلى الاسماعيلية وأن المتهم لم يصاب بأى حالة نفسيه أو عصبيه قبل التاريخ سالف الذكر ...... وانتهى التقرير إلى إن المتهم كان مسئولاً عن عمله في تاريخ الواقعة لما كان ما تقدم وكان من المقرر أن المرض العقلى الذي يوصف بأنه جنون أو عاهه عقليه وتنعدم به المسئولية قانونا هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والادراك أما سائر الامراض والاحوال النفسية التي لا تفقد الشخص شعوره وادراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئولية ومن ثم فإن ما ذهب إليه الدفاع لم يقم عليه دليل فإن ما أورده الحكم فيما تقدم كاف وسائغ في الرد على ما يثيره الطاعن في هذا الصدد .

 

3 - من المقرر أن المرض العقلي الذي يوصف بأنه جنون أو عاهه عقليه وتنعدم به المسئولية الجنائية قانونا - على ما تقضى به المادة ٦٢ من قانون العقوبات - هو ذلك المرض الذي من شأنه أن يعدم الشعور والإدراك ، أما سائر الأحوال النفسيه التي تفقد الشخص شعوره وإدراكه فلا تعد سبباً لانعدام المسئوليه ، فإن ما إنتهى إليه الحكم المطعون فيه أخذاً بتقرير الطبيب الشرعي أن مرض الطاعن وهو الاضطراب العصبي والهبوط العام لا يؤثر على سلامة عقله وصحة إدراكه وتتوافر معه مسئوليته الجنائية عن الفعل الذي وقع منه يكون صحيحاً في القانون .

 

4 - من المقرر أن تقدير حالة المتهم العقلية هي من الأمور الموضوعية التي تستقل محكمة الموضوع بالفصل فيها ما دامت تقيم تقديرها على أسباب سائغة .

 

5 - من المقرر أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من مطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليليه لتقرير الخبير شأنه في ذلك شأن سائر الأدلة. وكانت المحكمة قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به مما جاء بتقرير الطبيب الشرعي عن حالة المتهم العقلية فإنه لا يجوز مصادرتها في عقيدتها ويكون ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد مجرد جدل في تقدير الدليل مما لا يجوز الخوض فيه أمام محكمة النقض .

6 - لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه عندما أورد مؤدى اعتراف الطاعن الذي عول عليه لم ينسب له اعترافاً باختلاسه المبلغ موضوع الجريمة - على خلاف ما يذهب إليه بوجه النعى - وإنما أسند إليه أنه اعترف بتحصيله هذا المبلغ وأنكر اختلاسه له مدعياً سرقته . وهو ما يسلم به الطاعن في أسباب طعنه ومن ثم فإن نعيه في هذا المقام يكون ولا محل له .

 

7 - من المقرر أن الاعتراف في المسائل الجنائية لا يخرج عن كونه عنصرا من عناصر الدعوى التي تملك محكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير حجيتها وقيمتها التدليلية على المعترف فلها أن تجزىء هذا الاعتراف ، وتأخذ منه ما تطمئن إلى صدقه وتطرح سواه مما لا تثق به ، دون أن تكون ملزمه بيان علة ذلك ، كما لا يلزم في الاعتراف أن يرد على الواقعة بكافة تفاصيلها بل يكفى فيه أن يرد على وقائع تستنتج المحكمة منها ومن باقي عناصر الدعوى بكافة الممكنات العقلية والاستنتاجيه اقتراف الجاني للجريمة .

 

8 - لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن في شأن أن المبلغ قد سرق منه وأطرحه بقوله " ولا تلتفت المحكمة إلى ما ذكر عن سرقة تلك المبالغ التي لم يوردها إذ لم يقم ثمة دليل في الأوراق تطمئن إليه المحكمة إلى وقوع هذه السرقة فهو لم يبلغ الشرطة أو جهة عمله أو يبين على وجه يطمئن إليه عن كيفية سرقة هذه المبالغ منه " فإن هذا حسبه للرد على هذا الدفاع ، ذلك أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .