جلسة ١٥ من ديسمبر سنة ١٩٩٣

 

برئاسة السيد المستشار/ محمد أحمد حسن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عبد اللطيف على أبو النيل وعمار ابراهيم فرج وأحمد جمال الدين عبد اللطيف نواب رئيس المحكمة و محمد اسماعیل موسى .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(۸۰(

الطعن رقم ٣٢٨ لسنة ٦٢ القضائية

 

(1) إثبات  " بوجه عام ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " .

استخلاص الصورة الصحيحة الواقعة الدعوى . موضوعي .

 

(۲) إثبات " شهود ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب" . نقض " أسباب الطعن. ما لا يقبل منها ".

عدم التزام الحكم بأن يورد من أقوال الشهود إلا ما يقيم عليه قضاءه .

حق محكمة الموضوع في تجزئة أقوال الشهود . فتأخذ بما تطمئن إليه منها وتطرح ما لا تثق فيه .

الجدل بقصد اثاره الشبهه في الدليل أمام النقض. غير جائز .

 

(۳) إثبات " شهود ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه ، تسبيب غير معيب ". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

تناقض أقوال الشهود . لا يعيب الحكم . مادام استخلص الحقيقة منها استخلاصا سائغا لا تناقض فيه .

الجدل الموضوعي في تقدير الدليل . غير جائز . أمام النقض .

(٤) إثبات  " بوجه عام " " شهود ". محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

تقدير الأدلة بالنسبة لكل منهم . حق لمحكمة الموضوع وحدها . لها أن تجزىء شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه . الجدل الموضوعي في ذلك غير جائز أمام النقض .

 

(٥) جريمة " أركانها ". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب ". قتل عمد .

الأداة المستعملة في الاعتداء . ليست من الأركان الجوهرية في الجريمة .

 

(6) قتل عمد . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل ". حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

قصد القتل أمر خفى . إدراكه بالإمارات والمظاهر التي تنبىء عنه ، استخلاص توافره . موضوعی .

 

(۷) إثبات " بوجه عام " " شهود " . قتل عمد . قصد جنائي . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها".

حق المحكمة في استخلاص نية القتل من ظروف الدعوى وملابساتها . لا يقيدها في ذلك ما ذكره شهود الاثبات في خصوصها .

 

(۸) نقض " المصلحة في الطعن " . قتل عمد . سبق الاصرار . ترصد . ظروف مشددة .

حكم ظرف الترصد في تشديد العقوبة كحكم ظرف سبق الاصرار . عدم مجادلة الطاعنين في توافر ظرف الترصد . لا جدوى فيما يثيرانه من خطأ الحكم في إثبات ظرف سبق الاصرار .

 

(۹) إثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في إستخلاص الصورة الصحيحه لواقعة الدعوى".  دفاع " الاخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ".

إستخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدان المحكمة . موضوعي .

عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم في مناحي دفاعه كفاية قضائها بالإدانة رداً عليه .

 

(۱۰) إثبات " بوجه عام ". قتل عمد . دفاع  " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ".

الطلب الذي تلتزم المحكمة باجابته أو الرد عليه . ماهيته ؟

مثال .

 

(۱۱) قتل عمد . رابطة السببيه . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

استظهار الحكم قيام علاقة السببية بين إصابات المجنى عليه وبين وفاته . نقلا عن تقرير الصفه التشريحية . لا قصور .

 

(۱۲) قتل عمد . رابطة السببية . مسئولية جنائية . حكم والتسبيبه . تسبيب غير معيب ) .

رابطة السببية في المواد الجنائية وجودها وتقدير توافرها . موضوعی .

الإهمال في علاج المجنى عليه أو التراخي فيه . بفرض صحته . لا يقطع رابطة السببية ما لم يثبت أنه كان متعمد تجسيم المسئولية .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليها إقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق .

2 - إن الأحكام لا تلتزم بحسب الأصل أن تورد من أقوال الشهود إلا ما تقيم عليه قضاءها، ولها أن تجزىء الدليل المقدم لها فتأخذ بما تطمئن إليه من أقوال الشهود وتطرح ما لا تثق فيه من تلك الأقوال إذا المرجع في هذا الشأن إلى اقتناعها هي وحدها وإذ كان البين من الحكم المطعون فيه أنه بين مضمون أقوال شهود الإثبات - وكان الطاعنان لا يجادلان في أن ما حصله الحكم منها له أصله الثابت في الأوراق فإن الجدل في ذلك توصلا إلى إثارة الشبهة في الدليل المستمد من تلك الأقوال هو من الأمور الموضوعية التي لا يجوز إثارتها أمام محكمة النقض.

3 - تناقض الشهود أو تضاربهم في أقوالهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفصيلاتها - بفرض حصوله لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته مادام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصا سائغا لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن به إليها في تكوين عقيدته ومن ثم فلا محل لتعييب الحكم في صورة الواقعة التي اعتنقتها المحكمة واقتنعت بها ولا في تعويله في قضائه بالإدانة على أقوال شهود الإثبات بدعوى تضارب أقوالهم فذلك إنما ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .

4 - من المقرر أن تقدير الأدلة بالنسبة إلى كل منهم هو من اختصاص محكمة الموضوع وحدها وهي حرة في تكوين عقيدتها حسب تقديرها واطمئنانها إليها بالنسبة إلى متهم وعدم اطمئنانها إلى الأدلة ذاتها بالنسبة لمتهم آخر، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود والأدلة الأخرى في الدعوى وأخذت بها بالنسبة للطاعنين دون المتهم الآخر الذي قضت ببراءته، وكان من حق محكمة الموضوع أن تجزىء شهادة الشاهد فتأخذ منها بما تطمئن إليه وتطرح ما عداه لتعلق ذلك بسلطتها في تقدير أدلة الدعوى فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعيا في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض .

5 - من المقرر أن الأداة المستعملة في الاعتداء ليست من الأركان الجوهرية للجريمة ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير مقبول .

6 - أن قصد القتل أمر خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والامارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه فإن إستخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية .

7 - لما كانت الأدلة والقرائن التي ساقها الحكم للاستدلال بها على توافر نية القتل من شأنها أن تؤدى عقلا إلى ثبوتها في حق الطاعنين أما القول بأن أقوال شهود الإثبات لا يستفاد منها توافر هذه النية فمردود بأن هذا القول - بفرض صحته - لا يقيد حرية المحكمة في إستخلاص قصد القتل من كافة ظروف وملابساتها ، ومن ثم يكون ما يثيره الطاعنان في هذا الشأن غير سديد .

8 - من المقرر أن حكم ظرف الترصد في تشديد العقوبة كحكم ظرف سبق الاصرار وإثبات توافر أحدهما يغنى عن إثبات توافر الآخر فإنه لا يجدى الطاعنان ما يثيرانه عن خطأ الحكم في إثبات توافر ظرف سبق الاصرار في حقهما بفرض صحته مادام إنهما لا يجادلان في توافر ظرف الترصد .

9 - لما كان ما أورده الحكم في مدوناته تتوافر به جناية القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد كما هي معرفة به في القانون وكان النعي بأن الواقعة مجرد جناية ضرب أفضى إلى موت لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعيا في سلطة محكمة الموضوع في إستخلاص صورة الواقعة كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب - هذا إلى أن محكمة الموضوع غير ملزمه بتعقب المتهم في مناحى دفاعه الموضوعي والرد على كل شبهه يثيرها على إستقلال إذ في قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها ما يفيد ضمنا أنها اطرحتها ولم تعول عليها ويضحى ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد غير مقبول .

10 - من المقرر أن الطلب الذي تلتزم المحكمة بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يقرع سمع المحكمة ويشتمل على بيان ما يرمى إليه ، ويصر عليه مقدمه في طلباته الختاميه ، وكان ما أثبت على لسان المدافع عن الطاعنين بمحضر الجلسة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه من أنه وكان يجب مناقشة الطبيب الشرعي في الإصابات هل يمكن حدوثها على الوجه الموضح بأقوال الشهود من عدمه .........، فضلاً عن أنه لم يصر عليه في طلباته الختامية التي اقتصر فيها على طلب براءة الطاعنين واحتياطيا اعتبار الواقعة ضربا ، فإنه على هذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته ، فإنه لا تثريب على المحكمة أن هي أعرضت عن هذا الطلب وأغفلت الرد عليه ويضحى النعى في هذا الصدد غير سديد .

11 - لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه استظهر قيام علاقة السببية بين إصابات المجنى عليه التي نقل تفصيلها عن تقرير الصفة التشريحية وبين وفاته من واقع ذلك التقرير في قوله " ............ وإن الوفاة حدثت نتيجه الإصابات الرضية والقطعية مجتمعة وما صاحبها من هبوط حاد في الدورة الدموية والتنفسية " . فإنه ينحسر عن الحكم ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد .

12 – من المقرر أن علاقة السببية مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها ومتى فصل فيها إثباتا أو نفيا فلا رقابة لمحكمة النقض عليه مادام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدى إليه، وكان الإهمال في علاج المجنى عليه أو التراخي فيه بفرض صحته – لا يقطع رابطة السببية ما لم يثبت أنه كان متعمد لتجسيم المسئولية – وهو ما لم يزعمه الطاعنان ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد في غير محله .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين - وآخر قضى ببراءته - بأنهما قتلا ......... عمداً مع سبق الاصرار والترصد بأن بيتا النية على قتله وأعدا لهذا الغرض سلاحاً أبيض (مطواه قرن غزال) وأداه (عصا) وكمنا له في الطريق الذي أيقنا مروره فيه وما أن ظفرا به حتى طعنه الأول في عنقه وأنهال الثاني عليه ضرباً بالعصا قاصدين من ذلك إزهاق روحه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفه التشريحية والتي أودت بحياته. المتهم الأول : أحرز بغير ترخيص سلاحاً أبيض (مطواه قرن غزال) وأحالتهما إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة وأدعت ............. زوجة المجنى عليه عن نفسها وبصفتها وصيه على أولاده القصر مدنيا قبل المتهمين بمبلغ واحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد ۲۳۰، ۲۳۱، ۲۳۲ من قانون العقوبات والمواد ۱/۱ و ۲۵ مكرراً ۱/۱، ۱/۳۰ من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل بالقانونين رقمي ٢٦ لسنة ۱۹۷۸ ، ١٦٥ لسنة ٨١ والبند رقم ١٠ من الجدول رقم (1) الملحق بالقانون مع إعمال المادتين ۱۷، ۳۲ من قانون العقوبات بمعاقبة المتهمين بالأشغال الشاقة المؤبدة ومصادرة المطواه المضبوطة وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة .

فطعن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض ......... الخ .

المحكمة

من حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجناية القتل العمد مع سبق الاصرار والترصد، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ، ذلك بأنه أورد الأدلة التي عول عليها في الإدانة بصورة مبتورة أجتزأ منها ما برر به قضاءه رغم تعارضها فيما بينها خاصة بالنسبة للآلة المستخدمة في الحادث، ثم عاد من بعد واطرح هذه الأدلة بالنسبة للمتهم الآخر المقضى ببراءته، ولا يستفاد من أقوال شاهدي الإثبات توافر نية القتل وظرف سبق الاصرار لدى الطاعنين واقتصر اعترافهما على القول باعتدائهما على المجنى عليه دون أن يقصدا قتله بما تكون معه الواقعة مجرد ضرب أفضى إلى الموت ، وأطرحت المحكمة طلبهما استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته عن صحة تصوير الشهود للواقعة وفي دفاعهما بأن التأخر في إسعاف المجنى عليه هو الذي أدى لوفاته مما يقطع رابطة السببية بين إصاباته وبين الوفاة ولم تعرض لهذا الدفاع رغم جوهريته . كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .