جلسة 14 من ديسمبر سنة 1993
برئاسة السيد المستشار / محمد حسين لبيب نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / رضوان عبد العليم ووفيق الدهشان وبدر الدين السيد نواب رئيس المحكمة ومصطفى عبد المجيد .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 179 )
الطعن رقم 168 لسنة 62 القضائية
( 1 ) تزوير " أوراق رسمية " . جريمة " أركانها " . قصد جنائى . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب". نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
القصد الجنائى فى جريمة التزوير . مناط تحققه ؟ استخلاصه . موضوعى . تحدث الحكم استقلالاً عن توافره . غير لازم .
( 2 ) تزوير " أوراق رسمية " . فاعل أصلى . اشتراك .
الاشتراك بالاتفاق . يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه . الاشتراك بالتحريض . قد لا تكون له سمات أو شواهد ظاهره تدل عليه .
الاشتراك بالمساعدة . يتحقق بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلاً مقصوداً . ويتحقق فيه تسهيل ارتكاب الجريمة.
( 3 ) إثبات " بوجه عام " " قرائن " . محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
حرية القاضى الجنائى فى تكوين عقيدته من الأدلة المباشرة أو غير المباشرة الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل . لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
مثال .
( 4 ) إختلاس . تزوير . اشتراك . ارتباط . عقوبة " العقوبة المبررة " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالقصور فى التدليل على ارتكابه جريمة الاختلاس . لا جدوى منه . مادامت المحكمة قد طبقت المادة 32 عقوبات وعاقبته بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة التزوير والاشتراك فيه التى أثبتها الحكم فى حقه .
( 5 ) إثبات " بوجه عام " . حكم " ما لا يعيبه فى نطاق التدليل " . تزوير " أوراق رسمية " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
الخطأ فى الأسناد . لا يعيب الحكم . ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر فى عقيدة المحكمة .
( 6 ) نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم قبول أسباب الطعن التى لا تتصل بشخص الطاعن .
( 7 ) دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفر ه " . محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى . اطمئنانها إلى الأدلة التى عول عليها . يفيد أطراحها جميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها .
( 8 ) إثبات " بوجه عام " " قرائن " " أوراق " . حكم " حجيته " . محكمة الموضوع " نظرها الدعوى والحكم فيها " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
قواعد حجية المحررات وإثبات صحتها الواردة فى قانون الإثبات . خاصة بالمواد المدنية والتجارية . عدم التزام القاضى الجنائى باتباع طريق خاص فى تحرى الأدلة .
( 9 ) تزوير " أوراق رسمية " . اشتراك . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
مساءلة الطاعن عن اشتراكه فى تزوير محضر الطرد . نعيه بأن محاميه هو الذى تولى رفع الدعوى . غير سديد .
( 10 ) إثبات " بوجه عام " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
تساند الأدلة فى المواد الجنائية . مؤداه ؟
( 11 ) إثبات " شهود " . تزوير .
لا يشترط فى الشهاده . أن ترد على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها .
( 12 ) تزوير . إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .
وزن أقوال الشاهد وتقديرها . موضوعى .
الجدل الموضوعى فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى . لا يجوز أثارته أمام محكمة النقض .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- القصد الجنائى فى جريمة التزوير يتحقق متى تعمد الجانى بتغير الحقيقة فى المحرر مع انتواء استعماله فى الغرض الذى من أجله غيرت الحقيقة فيه واستخلاص هذا القصد من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التى تفصل فيها محكمة الموضوع وفى ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وهو ما وفره الحكم المطعون فيه .
2- الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية من مخبات الصدور ودخائل النفس التى لا تقع عادة تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة كما أن الاشتراك بالتحريض قد لا تكون له سمات أو شواهد ظاهرة تدل عليه ويتحقق الاشتراك بالمساعدة بتدخل الشريك مع الفاعل تدخلا مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذى جعله الشارع مناطا لعقاب الشريك .
3- للقاضى الجنائى إذا لم يقم على الاتفاق أو التحريض أو المساعدة دليل مباشر أن يستدل على ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التى تقوم لديه مادام هذا الإستنتاج سائغاً . وله من ظروف الدعوى ما يبرره وكان الحكم فى سرده لوقائع الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت فيها – على ما سلف بيانه – قد أورد أن الطاعن الثانى استصدر حكما باطلاً لصالحه بطرد المستأجر ............. برغم تأخيره فى سداد الأجرة وعهد إلى المتهم الأول بتنفيذ هذا الحكم فى غيبة المستأجر المنفذ ضده وقد أطلع المتهم الأول بتنفيذ الحكم بإرشاد الطاعن الثانى فى غيبة المستأجر – على خلاف ما تقضى به التعليمات من ضرورة حضوره أثناء التنفيذ إذ رخص له القانون أن يتوقى الطرد بعرض الأجرة المتأخره – فإثبت زوراً فى محضر الجرد والطرد والتسليم حضور المستأجر الغائب وقام بجرد محتويات الشقة وتسليمها إلى الطاعن الثانى واتبع ذلك بإجراء مزاد صورى انتهى إلى بيع المحجوزات بمبلغ 413 جنيه مع أن قيمتها الحقيقية 33000 جنيه فإن الحكم إذ استخلص من ذلك اشتراك الطاعن الثانى مع الأول بالاتفاق والتحريض – والمساعدة فى ارتكاب جريمة التزوير فإنه يكون استخلاصا سائغاً مؤدياً إلى ما قصده الحكم وينحل ما يثيره الطاعن الثانى فى هذا الصدد إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب .
4- لا جدوى للطاعنين من نعيهما على الحكم بالقصور فى التدليل على أركان جريمة إختلاس المحجوزات مادامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبهما بالعقوبة الأشد المقررة لجريمة التزوير والاشتراك فيه التى إثبتها الحكم فى حقهما .
5- لا يؤثر فى سلامة الحكم أن يكون قد أخطأ فى الاسناد بالنسبة لواقعة معينة مادامت المحكمة لم تجعل لهذه الواقعة اعتبارا فى ادانة المتهم ومادام حكمها مقاما على أدلة مؤدية إلى ما ترتب عليه .
6- لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا بشخص الطاعن وله مصلحة فيه فإنه يكون غير مقبول ما يثيره الطاعن الأول بدعوى التناقض كما هى وارده بوجه النعى لاتصالها بالطاعن الثانى ولا شأن له بها .
7- محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم فى كل جزئية فى مناحى دفاعه الموضوعى إذ فى اطمئنانها إلى الأدلة التى أوردتها وعولت عليها ما يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمه ببيان عله اطراحها أياها .
8- إن ما جاء فى القانون من حجية المحررات وإثبات صحتها إنما محله أحكام الإثبات فى المواد المدنية والتجارية حيث عينت الأدلة ووضعت أحكام لها والزم القاضى بان يجرى فى أحكامه على مقتضاها وليس فى القانون ما يجبر المحاكم الجنائية على ترسمه لأنها فى الأصل حره فى انتهاج السبيل الموصل إلى اقتناعها ولم يرسم القانون فى المواد الجنائية طريقا يسلكه القاضى فى تحرى الأدلة .
9- لما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بمساءلة الطاعن الثانى لا عن واقعة رفع الدعوى وإنما عن اشتراكه مع الطاعن الأول فى تزوير محضر الطرد بطريق الاتفاق والتحريض والمساعدة فإن ما يثيره الدفاع عن الطاعن استنادا إلى أن محاميه هو الذى تولى رفع الدعوى يكون غير سديد .
10- من المقرر أن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعه تتكون عقيدة القاضى فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤديه إلى ما قصده الحكم منها ومجتمعه فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما إنتهت إليه .
11 - لا يشترط فى شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى هذه الحقيقة بإستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى يتفق مع أدلة الإثبات الأخرى المطروحة أمامها .
12 - وزن أقوال الشاهد وتقديرها متروك لمحكمة الموضوع ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثانى من أن إقراره بوجوده أثناء التنفيذ لا يكفى لاستخلاص مقارفته الجريمة وما يردده حول القوة التدليلية لشهادة المحضر الأول والمجنى عليه لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدتها وهو ما لا يجوز اثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين أولاً : المتهم الأول : بوصفه موظفا عموميا ( محضر بمحكمة ............. الجزئية ) ارتكب تزويراً فى محرر رسمى هو محضر الجرد والطرد والتسليم المؤرخ 14 من ابريل سنة 1984 حال تحريره المختص بوظيفته وذلك بجعله واقعة مزوره فى صورة واقعة صحيحة بأن اثبت حضور المدعى عليه المنفذ ضده ............ فى المحضر سالف البيان على خلاف الحقيقة مع علمه بتزويرها . ثانياً .. المتهم الثانى : اشترك مع المتهم الأول بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة فى ارتكاب جريمة التزوير المبينة بالوصف بأن حرضه واتفق معه على ارتكابها مرشداً اياه عن المنفذ ضده على خلاف الحقيقة فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وذلك الاتفاق وتلك المساعدة . ثالثاً : المتهمين الأول والثانى : اختلسا المنقولات المبينة وصفا وقيمة بالتحقيقات والمملوكة ................... والمحجوز عليها قضائيا لصالح المتهم الثانى والمسلمة إليه على سبيل الوديعه لحراستها وتقديمها فى اليوم المحدد للبيع فاختلسها والمتهم الأول بإجراء بيعا بالمزاد صورياً اضرارا بمالكها ، واحالتهما إلى محكمة الجنايات لمعاقبتها طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . ومحكمة جنايات القاهرة قضت حضورياً عملا بالمواد 40 ، 41 ، 213 ، 341 ، 342 من قانون العقوبات مع اعمال المادتين 17 و 32 من ذات القانون .
أولا : بمعاقبة المتهم ........................... بالحبس مع الشغل لمدة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته عما أسند إليه . ثانياً : بمعاقبة ....................... بالحبس مع الشغل لمدة سنه واحده عما أسند إليه . فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض ................. الخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمة
حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن الأول بجريمة تزوير فى محرر رسمى والطاعن الثانى بجريمة الاشتراك فى ارتكاب ذلك التزوير كما دانهما معا بجريمة اختلاس المحجوزات قد شابه قصور وتناقض فى التسبيب وانطوى على خطأ فى الاسناد وفساد فى الاستدلال ذلك بإنه لم يستظهر توافر ركن القصد الجنائى بالنسبة للطاعن الأول ولم يستظهر بالنسبة للثانى عناصر الاشتراك فى الجريمة وركن العلم ولم يدل على توافرها فى حقه – ولم يعنى ببيان اركان جريمة إختلاس المحجوزات التى دانهما بها وما قال الحكم من أن الطاعن الأول لم يثبت بمحطر الطرد ارشاد طالب التنفيذ على المنفذ ضده لا أصل له فى الأوراق وتناقض مع ما إنتهى إليه من ادانه المتهم الثانى تأسيساً على أنه أرشد عن المنفذ ضده وبنى الطاعن الثانى دفاعه على أن المجنى عليه كان حاضراً عند تنفيذ حكم الطرد مدللاً على ذلك بشواهد عددها من ذلك أن المحضر اثبت وجوده فى محضره الرسمى إلا أن الحكم أطرح هذا الدفاع بتسبيب قاصر غير سائغ وإهدار حجية المحرر الرسمى والاقرارات الرسمية للموثقين عليه ثم أن الحكم التفت عن دفاعه بأن محاميه هو الذى تولى رفع الدعوى نيابة عنه ولا يمكن مساءلته عما صدر من وكيله واستخلص الحكم من اقرار الطاعن بوجوده عند تنفيذ الحكم دليلاً على مقارفته الجريمة مع أن ذلك لا يؤدى إلى مارتب عليه كما عول على أقوال المجنى عليه من أنه لم يكن موجودا عند التنفيذ رغم افتقارها إلى الدليل الذى يدعمها وإلى أقوال الشاهد ............... رغم أنه ليس فى أقواله ما يكشف عن ارتكابه الجريمة مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى فى قوله بانها " تتحصل فى أن أحد كان يستأجر من المتهم الثانى .......................... شقة ............. بناحية المعادى .......... ولرغبة المتهم المذكور فى انتهاء العلاقة الإيجارية بغير مسوغ من الواقع أوالقانون أمتنع عن تقاضى الأجرة منه ليسجل عليه التأخير فى سدادها ... مما اضطر المستأجر أن يعرض عليه القيمة الإيجارية بالطرق الرسمية .............. وقد استغل المتهم المذكور فرصة تغيب المستأجر وسفره إلى المانيا فى رحلة علاج واستحصل على حكم مستعجل بالطرد بزع تأخره فى سداد الأجرة رغم وفائه بها والذى أعلن إليه إعلاناً غير صحيح وسلم هذا الحكم المستصدر على غير سبب صحيح من القانون والمعلن إليه اعلانا باطلاً سلمه إلى المتهم الأول ( الطاعن الأول ) محضر محكمة المعادى الجزئية متفقا معه ومحرضا له ومساعدا اياه على أن يقوم بتنفيذ هذا الحكم فى غيبة المستأجر مخالفا بذلك القانون وقد اثبت المتهم الأول زوراً فى محضر الجرد والطرد والتسليم ......... حضور المستاجر وهو غائب وقام المتهم الأول بصفته المحضر القائم بعملية التنفيذ بجرد محتويات الشقة وقام بتسليمها والشقة للمتهم الثانى واتبع ذلك قيامه بتقييم تلك المنقولات تقيما غير حقيقى فبخس ثمنا على النحو الذى سطره فى محضره ............. إذ إثبت أن قيمة منقولات الشقة جميعها هى عبارة عن ............. مبلغ 413 بينما يبلغ قيمتها الحقيقية نحو 33000 وقام ببيع محتويات الشقة – بالثمن البخس الذى قدره متواطئا فى ذلك كله من سلب للشقة والاستيلاء على المنقولات مع المتهم الثانى ( الطاعن الثانى) إذ قاما بإجراء بيع بالمزاد العلنى بطريق الصورية اضراراً بمالكها بعد أن سلبه حيازة الشقة المؤجرة إليه بتنفيذ صورى مخالف للحقيقة ............. " وساق الحكم على ثبوت الواقعة بالتصوير المتقدم فى حق الطاعنين أدلة استقاها من أقوال الشهود ومن اقرار المتهمين ومما جاء بأوراق التنفيذ وهى أدلة سائغة تؤدى إلى مارتبه الحكم عليها . لما كان ذلك وكان القصد الجنائى فى جريمة التزوير يتحقق متى تعمد الجانى بتغير الحقيقة فى المحرر مع انتواء استعماله فى الغرض الذى من أجله غيرت الحقيقة فيه واستخلاص هذا القصد من المسائل المتعلقة بوقائع الدعوى التى تفصل فيها محكمة الموضوع فى ضوء الظروف المطروحة عليها وليس بلازم أن يتحدث الحكم عنه صراحة وعلى استقلال مادام قد أورد من الوقائع ما يدل عليه وهو ما وفره الحكم المطعون فيه – وكان الاشتراك بالاتفاق إنما يتكون من اتحاد نية الفاعل والشريك على ارتكاب الفعل المتفق عليه وهذه النية من مخبأت الصدور ودخائل النفس التى لا تقع عادة تحت الحس وليس لها أمارات ظاهرة كما أن الاشتراك بالتحريض قد لا تكون له سمات أو شواهد ظاهرة تدل عليه ويتحقق الاشتراك بالمساعدة يتدخل الشريك مع الفاعل تدخل مقصوداً يتجاوب صداه مع فعله ويتحقق فيه معنى تسهيل ارتكاب الجريمة الذى جعله الشارع مناطا لعقاب الشريك وللقاضى الجنائى إذ لم يقم على الاتفاق أو التحريض أو المساعدة دليل مباشرة أن يستدل على ذلك بطريق الاستنتاج والقرائن التى تقوم لديه مادام هذا الإستنتاج سائغاً . وله من ظروف الدعوى ما يبرره وكان الحكم فى سرده لوقائع الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت فيها – على ما سلف بيان قد أورد أن الطاعن الثانى استصدر حكما باطلاً لصالحه بطرد المستأجر .......... بزعم تأخيره فى سداد الأجرة وعهد إلى المتهم الأول بتنفيذ هذا الحكم فى غيبة المستأجر المنفذ ضده وقد أطلع المتهم الأول بتنفيذ الحكم بارشاد الطاعن الثانى فى غيبة المستأجر – على خلاف ما تقضى به التعليمات من ضرورة حضوره أثناء التنفيذ إذ رخص له القانون أن يتوقى الطرد بعرض الأجرة المتأخرة – فأثبت زوراً فى محضر الجرد والطرد والتسليم حضور المستأجر الغائب وقام بجرد محتويات الشقة وتسليمها إلى الطاعن الثانى واتبع ذلك بإجراء مزاد صورى انتهى إلى بيع المحجوزات بمبلغ 413 جنيه مع أن قيمتها الحقيقية 33000 جنيه فإن الحكم إذ استخلص من ذلك اشتراك الطاعن الثانى مع الأول بالاتفاق والتحريض والمساعدة فى ارتكاب جريمة التزوير فإنه يكون استخلاصا سائغاً مؤدياً إلى ما قصده الحكم وينحل ما يثيره الطاعن الثانى فى هذا الصدد إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب لما كان ذلك وكان لا جدوى للطاعنين من نعيهما على الحكم بالقصور فى التدليل على أركان جريمة إختلاس المحجوزات مادامت المحكمة قد طبقت المادة 32 من قانون العقوبات وعاقبتهما بالعقوبات الأشد المقررة لجريمة التزوير والاشتراك فيه التى إثبتها الحكم فى حقهما لما كان ذلك وكان لا يؤثر فى سلامة الحكم أن يكون قد أخطأ فى الاسناد بالنسبة لواقعة معينة مادامت المحمكة لم تجعل لهذه الواقعة اعتبارا فى ادانة المتهم ومادام حكمها مقاما على أدلة مؤدية إلى مارتبه عليه فإنه لا يجدى الطاعن الأول ما ينعاه على الحكم فيما أثبته فى مدوناته من أن الطاعن الأول لم يثبت بمحضر الطرد أن التنفيذ تم بإرشاد الطالب إذ أن هذه الواقعة الفرعية بفرض ثبوت خطأ الحكم فيها ليست بذى أثر فى منطقة ولا فى النتيجة التى انتهى إيها بعد أن أثبت بالأدلة السائغة بقيام الطاعن الأول بتزوير محضر الطرد والتسليم بالإشتراك مع المتهم الثانى وإثبات حضور المجنى عليه بالمحضر على خلاف الحقيقة . لما كان ذلك وكان لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا بشخص الطاعن وله مصلحة فيه فإنه يكون غير مقبول ما يثيره الطاعن الأول بدعوى التناقض كما هى وارده بوجه النعى لاتصالها بالطاعن الثانى ولا شأن له بها ، ولما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن بشأن التفات الحكم عن دفاعه القائم على أن المجنى عليه كان حاضراً عند تنفيذ الحكم مردوداً بما هو مقرر من أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتعقب المتهم فى كل جزئية فى مناحى دفاعه الموضوعى إذ فى اطمئنانها إلى الأدلة التى أوردتها وعولت عليها ما يفند اطراحها لجميع الاعتبارات التى ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمه ببيان عله اطراحها اياها أما ما يتحدى به الطاعن من إهدار الحكم لحجية المحضر الرسمى وإقرارات الموقعين عليه فيما أثبته من حضور المنفذ ضده عند التنفيذ فمردود بأن ما جاء فى القانون من حجية المحررات وإثبات صحتها إنما محله أحكام الإثبات فى المواد المدنية والتجارية حيث عينت الأدلة ووضعت أحكام لها وإلزام القاضى بأن يجرى فى أحكامه على مقتضاها وليس فى القانون ما يجبر المحاكم الجنائية على ترسمه لأنها فى الأصل حره فى انتهاج السبيل الموصل إلى اقتناعها ولم يرسم القانون فى المواد الجنائية طريقا يسلكه القاضى فى تحرى الأدلة . لما كان ذلك وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بمساءلة الطاعن الثانى لا عن واقعة رفع الدعوى وانما عن اشتراكه مع الطاعن الأول فى تزوير محضر الطرد بطريق الاتفاق والتحريض والمساعده فإن ما يثيره الدفاع عن الطاعن استنادا إلى أن محاميه هو الذى تولى رفع الدعوى يكون غير سديد . لما كان ذلك وكان من المقرر أن الأدلة فى المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضا ومنها مجتمعه تتكون عقيدة القاضى فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقى الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة فى مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومجتمعه فى اكتمال اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما إنتهت إليه وكان الأصل أنه لا يشترط فى شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفى أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى هذه الحقيقة بإستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى ردده مع أدلة الإثبات الأخرى المطروحة أمامها وكان وزن أقوال الشاهد وتقديرها متروك لمحكمة الموضوع ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن الثانى من أن اقراره بوجوده أثناء التنفيذ لا يكفى لاستخلاص مقارفته الجريمة وما يردده حول القوة التدليلية لشهادة المحضر الأول والمجنى عليه لا يخرج عن كونه جدلاً موضوعياً فى تقدير الدليل وفى سلطة محكمة الموضوع فى وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أو الخوض فيه أمام محكمة النقض لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ