جلسة 17 من نوفمبر سنة ١٩٩٢

 

برئاسة السيد المستشار / محمد نبيل رياض نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / جابر عبد التواب وأمين عبد العليم نائبي رئيس المحكمة ومحمد شعبان وعلى شكيب

 

 

الطعن رقم ٢٥٨٨٩ لسنة ٥٩ القضائية

 

(1) إجراءات إجراءات المحاكمة. حكم وصف الحكم. نقض ما يجوز الطعن فيه من الأحكام.

العبرة في وصف الحكم هي بحقيقة الواقع . لا بما تذكره المحكمة عنه

وجوب حضور المتهم بنفسه في الأحوال التي يكون الحبس وجوبياً . جواز حضور وكيله في الأحوال الأخرى

حضور وكيل عن المتهم المحكوم عليه بالغرامة أمام محكمة ثاني درجة . يجعل الحكم حضورياً ويجوز الطعن فيه بالنقض .

 

(2) إستئناف . نيابة عامة . طعن " ما يجوز وما لا يجوز الطعن فيه من الأحكام " .

تفويت النيابة العامة على نفسها كسلطة إتهام حق استئناف حكم محكمة أول درجة . إنغلاق طريق الطعن بطريق النقض أمامها . بشرط أن يكون الحكم الصادر بناء على إستئناف المتهم قد جاء ؤيداً لحكم محكمة أول درجة

مثال

 

(3) بناء . قانون تفسيره . حكم تسبيبه - تسبيب معيب . نقض أسباب الطعن ما يقبل منها".

شرط الاستفادة من أحكام المادة الثالثة من القانون رقم ٣٠ لسنة ۱۹۸۳ أن تكون الأعمال المخالفة قد وقعت قبل العمل بأحكام هذا القانون .

القصد من إصدار القانونين رقمي ٥٤ لسنة ۱۹۸٤ ، ۹۹ لسنة ۱۹۸٦ هو مجرد من المهلة المحددة لتقديم طلبات المخالفين إلى الجهة الإدارية المختصة خلالها .

 

 (4) حكم " بياناته " " بيانات حكم الإدانة " " تسبيبه . تسبيب معيب " . نقض " حالات الطعن . الخطأ في القانون " أسباب الطعن . ما يقبل منها ".

حكم الإدانة . بياناته ؟

مثال لتسبيب معيب لحكم بالإدانة في جريمة بناء بدون ترخيص وغير مطابق للأصول الفنية .

 

 

1 - إن المادة ۲۳۷ من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم ۱۷۰ لسنة ۱۹۸۱ توجب على المتهم بجنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به الحضور بنفسه أمام المحكمة ، وأجازت في الأحوال الأخرى أن ينيب وكيلاً عنه ، ولما كان الثابت من الحكم الابتدائي الذي إستأنفه المتهم وحده أنه قضى بتوقيع عقوبة الغرامة على المتهم ، فإنه يجوز للمتهم في هذه الحالة انابة محام في الحضور عنه ، إذ كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية ومن مدونات الحكم المطعون فيه حضور محامي كوكيل عن المتهم وابدى دفاعه فى الاتهام المسند إليه ، فإن الحكم المطعون فيه ، كما وصفته المحكمة هو بحق حكماً حضورياً ويجوز من هذه الناحية الطعن فيه بالنقض عملاً بالمادة ٣٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩.

 

۲ - من المقرر أنه إذا فوتت النيابة العامة على نفسها كسلطة إتهام حق إستئناف حكم محكمة أول درجة فإن هذا الحكم يحوز قوة الأمر المقضى وينغلق أمامها طريق الطعن بالنقض ، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون الحكم الصادر بناء على إستئناف المتهم - قد جاء مؤيداً لحكم محكمة أول درجة بحيث يمكن القول بأن الحكمين الابتدائي والاستئنافي قد إندمجا وكونا قضاء واحداً ، أما إذا ألغى الحكم الابتدائي في الاستئناف أو عدل ، فإن الحكم الصادر في الاستئناف يكون قضاء جديداً منفصلاً تمام الانفصال عن قضاء محكمة أول درجة ويصح قانوناً أن يكون محلاً للطعن بالنقض من جانب النيابة العامة مع مراعاة ألا ينبني على طعنها - مادامت لم تستأنف حكم محكمة أول درجة - تسوى مركز المتهم . لما كان ذلك ، وكانت النيابة العامة الطاعنة) وإن ارتضت الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتغريم المطعون ضده ۲۰۰۰ جنيه ثلاثة آلاف جنيه) وتصحيح الأعمال المخالفة بعدم استئنافها له إلا أنه لما كانت المحكمة الاستئنافية في الاستئناف المرفوع من المطعون ضده - قد قضت بتعديل الحكم المستأنف باعفاء المطعون ضده من الغرامة المحكوم بها فقد غدا هذا الحكم قائماً بذاته مستقلا عن ذلك الحكم الذي ارتضته النيابة العامة وبالتالي يكون طعنها فيه بطريق النقض جائزاً.

 

3- لما كان قضاء محكمة النقض قد استقر على أنه يشترط للاستفادة من أحكام المادة الثالثة من القانون رقم ۳۰ لسنة ۱۹۸۳ التي عدلت بعض أحكام القانون رقم ١٠٦ لسنة ١٩٧٦ في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدلة بالقانونين رقمى ٥٤ لسنة ۱۹۸٤ ، ۹۹ لسنة ۱۹۸٦ أن تكون الأعمال المخالفة قد وقعت قبل العمل بأحكام القانون رقم ۳۰ لسنة ۱۹۸۳ في ١٩٨٣/٦/٨ ولا ينال من ذلك أن تلك المادة إستبدل بها نص المادة الأولى من القانون رقم ٥٤ لسنة ١٩٨٤ التي إستبدل بنص الفقرة الأولى منها نص المادة الأولى من القانون رقم ٩٩ لسنة ١٩٨٦ ، ذلك بأن القصد من إصدار القانونين الأخيرين هو مجرد مد المهلة المحددة لتقديم طلبات المخالفين إلى الجهة الإدارية خلالها

 

4- من المقرر أن القانون أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه إستدلاله بها وسلامة المأخذ ، وإلا كان قاصراً ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن نقل وصف التهمة المسندة إلى المطعون ضده ، واستعرض المراحل التي مرت بها الدعوى بنى قضاءه على قوله إلا أنه وقد صدر القانون رقم ٥٤ لسنة ١٩٨٤ الذي ينص على أن تعفى جميع المخالفات التي لا تزيد قيمتها على عشرة آلاف جنيه من الغرامة الأمر الذي تقضى معه المحكمة باعفاء المتهم من الغرامة المقضى بها فقط ، فخلا بذلك من بيان واقعة الدعوى والأدلة التي عولت عليها المحكمة في قضائها بالإدانة ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه - فوق أنه أخطأ فى تطبيق القانون باعماله حكم الاعفاء على مبنى أقيم بعد العمل بأحكام القانون رقم ۳۰ لسنة ١٩٨٣ - يكون معيباً بالقصور الذي يتسع له وجه الطعن ويعجز محكمة النقض عن تصحيح هذا الخطأ . مما يتعين معه أن يكون مع النقض الاحالة.

 

الوقائع

 

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه : 1 -أقام بناء بدون ترخيص. ۲ - أقام بناء غير مطابق للأصول الفنية والقواعد الصحية والمواصفات العامة ، وطلبت عقابه بالمواد ۱ ، ٤ ، ۱۱ ، ۲۲ من القانون ١٠٦ لسنة ١٩٧٦ المعدل بالقانون ٣٠ لسنة ۱۹۸۳ والقانون ٥٤ لسنة ١٩٨٤ ، ومحكمة البلدية بالقاهرة قضت غيابياً عملاً بمواد الاتهام بتغريم المتهم ۳۰۰۰ جنيه قيمة تكاليف البناء عن الجميع وإزالة الأعمال المخالفة عارض وقضى في معارضته بقبولها شكلاً ، وفى الموضوع برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه . استأنف . ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً ، وفى الموضوع برفضه ، وتأييد الحكم المسأنف مع اعفاء المتهم من الغرامة وتأييده فيما عدا ذلك

 

فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض ....... الخ .

 

المحكمة

 

من حيث إن المادة ۲۳۷ من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون رقم ۱۷۰ لسنة ۱۹۸۱ توجب على المتهم بجنحة معاقب عليها بالحبس الذي يوجب القانون تنفيذه فور صدور الحكم به الحضور بنفسه أمام المحكمة ، وأجازت في الأحوال الأخرى أن ينيب وكيلاً عنه ، ولما كان الثابت من الحكم الابتدائى الذي استأنفه المتهم وحده أنه قضى بتوقيع عقوبة الغرامة على المتهم ، فإنه يجوز للمتهم في هذه الحالة انابة محام في الحضور عنه ، إذ كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة الاستئنافية ومن مدونات الحكم المطعون فيه حضور محامى كوكيل عن المتهم وابدى دفاعه في الاتهام المسند إليه ، فإن الحكم المطعون فيه ، كما وصفته المحكمة هو بحق حكماً حضورياً ويجوز من هذه الناحية الطعن فيه بالنقض عملاً بالمادة ٣٠ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم ٥٧ لسنة ١٩٥٩ ، هذا ومن ناحية أخرى ، فإنه من المقرر أنه إذا فوتت النيابة العامة على نفسها كسلطة إتهام حق إستئناف حكم محكمة أول درجة فإن هذا الحكم يحوز قوة الأمر المقضى وينغلق أمامها طريق الطعن بالنقض ، إلا أن ذلك مشروط بأن يكون الحكم الصادر بناء على استئناف المتهم - قد جاء مؤيداً لحكم محكمة أول درجة بحيث يمكن القول بأن الحكمين الابتدائي والاستئنافي قد إندمجا وكونا قضاء واحداً ، أما إذا الغي الحكم الابتدائي في الاستئناف أو عدل ، فإن الحكم الصادر في الاستئناف يكون قضاء جديداً منفصلاً تمام الانفصال عن قضاء محكمة أول درجة ويصح قانوناً أن يكون محلاً للطعن بالنقض من جانب النيابة العامة مع مراعاة ألا ينبني على طعنها مادامت لم تستأنف حكم محكمة أول درجة - تسوى مركز المتهم . لما كان ذلك ، وكانت النيابة العامة الطاعنة) وإن إرتضت الحكم الصادر من محكمة أول درجة بتغريم المطعون ضده ۳۰۰۰ ج ثلاثة آلاف جنيه) وتصحيح الأعمال المخالفة بعدم استئنافها له إلا أنه لما كانت المحكمة الاستئنافية في الاستئناف المرفوع من المطعون ضده – قد قضت بتعديل الحكم المستأنف باعفاء المطعون ضده من الغرامة المحكوم بها فقد غدا هذا الحكم قائماً بذاته مستقلا عن ذلك الحكم الذي ارتضته النيابة العامة وبالتالي يكون طعنها فيه بطريق النقض جائزاً.

 

ومن حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ قضى بإعفاء المطعون ضده من عقوبة الغرامة المقضى بها عليه جزاء إقامته بناء بغير ترخيص وغير مطابق للأصول الفنية المقررة أخطأ في تطبيق القانون ، ذلك بأنه تساند في قضائه إلى نص المادة الأولى من القانون ٥٤ لسنة ١٩٨٤ ، في حين أن الأعمال المخالفة مثار الاتهام وقعت في تاريخ لاحق على العمل بأحكام القانون رقم ٣٠ لسنة ١٩٨٣ - مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .

 

وحيث إنه يبين من الاطلاع على الأوراق ومحضر جلسة المحاكمة الاستئنافية أن الدعوى الجنائية رفعت على المطعون ضده بوصف أنه في ١٩٨٤/١٠/٧ أقام بناء بدون ترخيص وغير مطابق للأصول الفنية ، ومحكمة أول درجة قضت غيابياً بتغريمه 3000 جنيه وإزالة المخالفة ، عارض فقضى في معارضته برفضها وتأييد الحكم المعارض فيه ، إستأنف ، ومحكمة ثانى درجة قضت بتعديل الحكم المستأنف بإعفائه من الغرامة وتأييده فيما عدا ذلك ، لما كان ذلك ، وكان قضاء محكمة النقض قد إستقر على أنه يشترط للاستفادة من أحكام المادة الثالثة من القانون رقم ٣٠ لسنة ١٩٨٣ التي عدلت بعض أحكام القانون رقم ١٠٦ لسنة ١٩٧٦ في شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء المعدلة بالقانونين رقمي ٥٤ لسنة ١٩٨٤ ، ۹۹ لسنة ۱۹۸٦ أن تكون الأعمال المخالفة قد وقعت قبل العمل بأحكام القانون رقم ۲۰ لسنة ۱۹۸۳ في ١٩٨٣/٦/٨ ولا ينال من ذلك أن تلك المادة إستبدل بها نص المادة الأولى من القانون رقم ٥٤ لسنة ١٩٨٤ التي إستبدل بنص الفقرة الأولى منها نص المادة الأولى من القانون رقم 99 لسنة ١٩٨٦ .

 

ذلك بأن القصد من إصدار القانونين الأخيرين هو مجرد من المهلة المحددة لتقديم طلبات المخالفين إلى الجهة الإدارية خلالها ، وكانت المخالفة التي نسب إلى المطعون ضده إرتكابها على ما يبين من وصف التهمة - قد وقعت في ١٩٨٤/١٠/٧ أي في تاريخ لاحق على العمل بأحكام القانون رقم ۳۰ لسنة ۱۹۸۳ سالف الذكر ، وبالتالي يتخلف شرط من شروط الاستفادة بالأحكام المقررة بالمادة الثالثة من ذلك القانون ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإعفاء المطعون ضده من الغرامة المقضى بها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما كان يستوجب حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة ٣٩ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة ١٩٥٩ أن تصحح هذه المحكمة الخطأ وتحكم بمقتضى القانون . إلا أنه لما كان القانون أوجب في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة والظروف التي وقعت فيها والأدلة التي استخلصت منها المحكمة ثبوت وقوعها من المتهم ومؤدى تلك الأدلة حتى يتضح وجه إستدلاله بها وسلامة المأخذ ، وإلا كان قاصراً ، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه بعد أن نقل وصف التهمة المسندة إلى المطعون ضده ، واستعرض المراحل التي مرت بها الدعوى بنى قضاءه على قوله إلا أنه وقد صدر القانون رقم ١٥٤ لسنة ١٩٨٤ الذى ينص على أن تعفى جميع المخالفات التي لا تزيد قيمتها على عشرة آلاف جنيه من الغرامة الأمر الذي تقضى معه المحكمة باعفاء المتهم من الغرامة المقضى بها فقط ، فخلا بذلك من بيان واقعة الدعوى والأدلة التي عولت عليها المحكمة في قضائها بالإدانة ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه - فوق أنه أخطأ في تطبيق القانون بإعماله حكم الاعفاء على مبنى أقيم بعد العمل بأحكام القانون رقم ٢٠ لسنة ۱۹۸۳ - يكون معيباً بالقصور الذي يتسع له وجه الطعن ويعجز محكمة النقض عن تصحيح هذا الخطأ . مما يتعين معه أن يكون مع النقض الاحالة