جلسة 8 من نوفمبر سنة ١٩٩٢

 

برئاسة السيد المستشار / عوض جادو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين محمود البنا ومحمد شتا وسمير أنيس نواب رئيس المحكمة و عبد الله المدنى .

 

 

الطعن رقم ٢٥١٣٣ لسنة ٥٩ القضائية

 

(1) مسئولية جنائية . مسئولية مدنية . خطأ . اصابة خطأ أحدثت عاهة . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الخطأ المستوجب للمسئولية " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

تقدير الخطأ المستوجب للمسئولية الجنائية والمدنية . موضوعي .

مثال

 

(2) أسباب الاباحة " عمل الطبيب " . مسئولية جنائية . خطأ . إصابة خطا أحدثت عاهة ، حكم " تسبيبه ، تسبيب غير معيب " . نقض " اسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

إباحه عمل الطبيب . شرطها : مطابقة ما يجريه للأصول العلمية المقررة . التفريط في إتباع هذه الاصول أو مخالفتها يوفر المسئولية الجنائية والمدنية . متى توافر الضرر . أيا كانت درجة جسامة الخطأ

 

(3) محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . إثبات "شهود " " خبره " . حكم تسبيبه . تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

إحالة الحكم في بيان أقوال الطبيب الشرعي إلى ما إستند إليه في التقرير . صحيح . مادامت متفقة مع ما أورده الحكم من تقريره .

 

(4) اثبات " بوجه عام " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب " . اصابة خطأ أحدثت عاهة

عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الادلة ذات الاثر فى تكوين عقيدتها إغفالها لبعض الوقائع . مفاده . اطراحها لها

 

(5) إثبات " بوجه عام " "خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها في تقدير الدليل " . حكم تسبيبه ، تسبيب غير معيب " . نقض " أسباب الطعن ، ما لا يقبل منها " .

حق محكمة الموضوع في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء والمفاضلة بينها والاخذ بما ترتاح إليه منها وإطراح ما عداه .

عدم التزام المحكمة بإعادة المأمورية الى الخبير أساس ذلك ؟

 

(6) إستئناف " نظره والحكم فيه " . محكمة استئنافية . بطلان . نقض " أسباب الطعن . ما لا يقبل منها " .

قضاء الحكم المطعون فيه بتأييد الحكم المستأنف في منطوقه . خطأ مادي ، لا يبطله . طالما أنشأ لنفسه أسبابا جديدة

 

 

1 - لما كانت محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الخطأ المستوجب المسئولية مرتكبه جنائيا أو مدنيا - وقد قررت أن الطاعن أخطأ بإستعماله جفت في عملية توليد المجنى عليها مع علمه مسبقا بوجود تمزق بالرحم دون أن يكون لديه الاستعدادات الكافية لمجابهة ما يستلزمه علاج تلك الحالة ثم السماح للمجنى عليها بالانصراف من عيادته دون أن يصلح التهتك لوقف النزيف الناجم عن تمزق الرحم الذي إنتهى إلى إجراء جراحة استئصال الرحم وهو ما خلف لديها عاهة مستديمة - فإن هذا الذي قررته المحكمة في حكمها المطعون فيه سائغ في العقل والمنطق ويكفى لحمله

 

2- من المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقا للاصول العلمية المقررة فإذا فرط في إتباع هذه الاصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية والمدنية متى توافر الضرر بحسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرزه في اداء عملية وأيا كانت درجة جسامة الخطأ.

 

3- لما كان يبين من مطالعة محضر الجلسة أن أقوال الطبيب الشرعي الثابتة فيه متفقة مع مؤدى ما أورده الحكم من تقريره فإنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان تلك الأقوال الى ما استند اليه من التقرير .

 

4- من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الادلة ذات الاثر في تكوين عقيدتها وحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الادلة المنتجة التي صحت لديه على ما إستخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لان مفاد التفاته عنها أنه اطرحها .

 

5 - لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة في الدعوى والفصل فيما يوجه إلى هذه التقارير من إعتراضات والمفاضلة بينها والاخذ بما ترتاح إليه وإطراح ما عداه وهي ليست ملزمة من بعد باعادة المأمورية للخبير لتعلق هذا الامر بسلطتها في تقدير الدليل . فإن ما يثيره الطاعن في شأن التفات المحكمة عن التقارير الطبية التي قدمها تدليلا على نفى مسئوليته وعدم عرضها على الطبيب الشرعى لابداء الرأى فيها ينحل الى جدل موضوعي في تقدير الدليل ولا تجوز اثارته أمام محكمة النقض

 

6 - لما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه إستعرض واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان الطاعن بها واقام عليها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الشهود ومن التقرير الطبى الشرعي واورد مضمون كل دليل من هذه الأدلة ومؤداه بما يكشف عن وجه استشهاده به وافصح في منطوقه عن معاقبة الطاعن بغرامة قدرها مائة جنيه واحالة الدعوى المدنية الى المحكمة المدنية المختصة - خلافا لما قضى به الحكم الابتدائى في هذا الخصوص فإن الحكم المطعون فيه قد انشأ بذلك لنفسه اسبابا جديدة . ولا ينال من ذلك ما جاء بمنطوقه خطأ من تأييد الحكم المستأنف اذ لا يعدو خطأ ماديا ، وسهوا لا يخفى ، ويضحى النعى عليه بالبطلان بقالة أنه اعتمد في قضائه على أسباب حكم محكمة أول درجة رغم بطلانه يكون غير سديد .

الوقائع

 

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه تسبب خطأ في اصابة ......... بأن أجرى لها عملية ولادة دون إتخاذ الحيطة والحذر اللازمين وتسبب ذلك في إصابتها بنزيف رحمي وتهتك بعنق الرحم مما نتج عنه اصابتها بعاهة مستديمة يستحيل برؤها هي استئصال الرحم وعدم الانجاب مستقبلا وتقدر نسبة هذه العاهة بنحو %۳۰ وطلبت عقابه بالمادة ١/٢٤٤-٢ من قانون العقوبات وإدعت المجنى عليها مدنيا قبل المتهم بمبلغ عشرين ألف جنيها على سبيل التعويض ومحكمة جنح ..... قضت حضوريا عملا بمادة الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه والزامه بدفع مبلغ عشرة آلاف جنيه للمدعية بالحقوق المدنية كتعويض عما أصابها من أضرار مادية وأدبية إستأنف ومحكمة بنها الابتدائية بهيئة إستئنافية قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض والمحكمة المذكورة قضت بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه واحالة القضية إلى محكمة بنها الابتدائية للفصل فيها من جديد مشكلة بهيئة أخرى ومحكمة الاعادة . بهئية أخرى - قضت حضوريا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف بتغريم المتهم مائة جنيه واحالة الدعوى المدنية الى المحكمة المدنية المختصة .

 

فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض للمرة الثانية.............الخ

 

 

المحكمة

 

من حيث ان الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة الاصابة الخطأ قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وإنطوى على خطأ في الاسناد وإخلال بحق الدفاع وران عليه البطلان . ذلك بأنه لم يحدد عنصر الخطأ في المسئولية الطبية ومدى مخالفة الطاعن للاصول الطبية وسوى بين المسئولية الطبية والمسئولية الجنائية غير المتعمدة بالرغم من أن الطبيب لا يسأل جنائيا إلا إذا كان الخطأ جسيما ، وعول الحكم على أقوال الطبيب الشرعي وأحال بشأن تحصيلها إلى ماورد بالتقرير المحرر بمعرفته رغم إختلاف أقواله مع ما جاء بالتقرير في خصوصية نفى مسئولية الطاعن ، ولم يشر الحكم إلى التقارير الطبية التي قدمها الطاعن تدليلا على نفى مسئوليته كما لم تعرض المحكمة تلك التقارير على الطبيب الشرعي لابداء الرأى فيها ، هذا الى أن الحكم ايد الحكم الابتدائى الباطل لخلوه من اسم المحكمة والهيئة التي اصدرته وتوقيع كاتب الجلسة عليه . كل ذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه

 

ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة لها معينها الصحيح في الاوراق وتؤدى إلى مارتبه الحكم عليها لما كان ذلك وكانت محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقدير الخطأ المستوجب المسئولية مرتكبه جنائيا أو مدنيا - علمه وقد قررت أن الطاعن أخطأ باستعماله جفت في عملية توليد المجنى عليها مع . مسبقا بوجود تمزق بالرحم دون أن يكون لديه الاستعدادات الكافية لمجابهة ما يستلزمه علاج تلك الحالة ثم السماح للمجنى عليها بالانصراف من عيادته دون أن يصلح التهتك لوقف النزيف الناجم عن تمزق الرحم الأمر الذي انتهى الى اجراء جراحة لاستئصال الرحم وهو ما خلف لديها عاهة مستديمة - فإن هذا الذي قررته المحكمة في حكمها المطعون فيه سائغ في العقل والمنطق ويكفى لحمله ذلك أنه من المقرر أن إباحة عمل الطبيب مشروطة بأن يكون ما يجريه مطابقا للاصول العلمية المقررة فاذا فرط في اتباع هذه الاصول أو خالفها حقت عليه المسئولية الجنائية والمدنية متى توافر الضرر بحسب تعمده الفعل ونتيجته أو تقصيره وعدم تحرزه في أداء عملية وأيا كانت درجة جسامة الخطأ . فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير سديد ، لما كان ذلك ، وكان يبين من مطالعة محضر جلسة ...... أن أقوال الطبيب الشرعي الثابته فيه متفقة مع مؤدى ما أورده الحكم من تقريره فانه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان تلك الأقوال إلى ما إستند إليه من التقرير فإن منعى الطاعن في هذا الشأن يكون على غير أساس . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن المحكمة ليست ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الاثر في تكوين عقيدتها وحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما إستخلصه من وقوع الجريمة المسندة الى المتهم ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد إلتفاته عنها أنه اطرحها ، وكان لمحكمة الموضوع كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتقارير الخبراء المقدمة في الدعوى والفصل فيما يوجه الى هذه التقارير من اعتراضات والمفاضلة بينها والاخذ بما ترتاح اليه واطراح ما عداه وهي ليست ملزمة من بعد باعادة المأمورية للخبير لتعلق هذا الامر بسلطتها في تقدير الدليل . فإن ما يثيره الطاعن في شأن التفات المحكمة عن التقارير الطبية التي قدمها تدليلا على نفى مسئوليته وعدم عرضها على الطبيب الشرعي لابداء الرأى فيها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ولا تجوز إثارته أمام محكمة النقض ، لما كان ذلك ، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه إستعرض واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها واقام عليها في حقه أدلة مستمدة من أقوال الشهود ومن التقرير الطبي الشرعي وأورد مضمون كل دليل من هذه الأدلة ومؤداه بما يكشف عن وجه استشهاده به وافصح في منطوقه عن معاقبة الطاعن بغرامة قدرها مائة جنيه واحالة الدعوى المدنية الى المحكمة المدنية المختصة - خلافا لما قضى به الحكم الابتدائي في هذا الخصوص - فان الحكم المطعون فيه قد أنشأ بذلك لنفسه أسبابا جديدة . ولا ينال من ذلك ما جاء بمنطوقه خطأ من تأييد الحكم المستأنف اذ لا يعدو خطأ ماديا ، وسهوا لا يخفى ، ويضحى النعى عليه بالبطلان بقالة أنه إعتمد في قضائه على أسباب حكم محكمة أول درجة رغم بطلانه يكون غير سديد . لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعاً ومصادرة الكفالة.